يطرح فيلم الرسوم المتحركة "أغنية البحر" سؤالاً محيراً للغاية ... أيهما أفضل أن تشعر بالحزن أو لا تشعر بشيء إطلاقاً و تتحول إلى تمثال صخري؟
الألم النفسي معاناة قد تفوق معاناة آلام الجسد. حين يكون ما يؤذيك ليس شيئاً محسوساً يمكنك إيقافه أو السيطرة عليه، بل أحرف رُتِبَت بجانب بعضها البعض لتخلق كلمات تنفذ إلى قلبك و تشعل ناراً لا تنطفئ. أو روحٍ أرتبطت أقدارك بها و تعلقت حياتك بوجودها لتختفي فجأة بعد أن تغلغلت بجوانبك فتشعر أنك ممزق. كل هذا على فظاعته لا يساوي شيئاً بجانب أن تفقد الشعور، أن يتحول قلبك إلى قطعة من حجر لا تتأثر، أن تفقد إهتمامك بتلك الحياة و تحصن قلبك ضد الضربة قادمة واهماً نفسك أنك هكذا في أحسن حال و أنك ممسك بزمام الأمور.

قد يختار من ذاق عذاب الحزن أن يتحول إلى حجر خوفاً من تكرار الشعور المؤلم. قد يصاب بعدم الثقة في المستقبل و تتحول الأيام إلى اللون الأسود. تصبح علاقته سطحية بمن حوله خوفاً من التعلق و يصير الشك هو رفيقه و يتوقع الأسوء دائماً. لكن هناك أمر يجب ملاحظته، حين تصيبك تلك المشاعر تكون أكثر صدقاً مع نفسك، تزيل كل الأقنعة التي تحصنت بها و تقف مجرداً أمام محكمة النفس. ستعرف نفسك أكثر من أي وقت مضى، و تعرف عيوبك بشكل أفضل؛ لن تكابر في أخطائك و ستتمنى أن يعود بك الزمن فلا ترتكبها. تلك اللحظة الجليلة خُلقت في كل مواقفنا الحالكة و لكننا نتعالى عليها ولا نستغلها أو نمضي معها. تلك اللحظة قادرة على أن تخلق إنسان آخر متصالحاً مع نفسه يعلم مشاكله و يعترف بها.
النفس البشرية معقدة بصورة مميزة مما يخلق طيف واسع المدى من التفاعلات بين البشر. الكنز الحقيقي هو تلك المشاعر التي تجعلنا نختلف عن باقي المخلوقات، هي إرثنا و عالمنا و ليس من الطبيعي أن نتخلى عن أثمن ما نملك. لا تستسلموا لأحزانكم و لكن لا تهملوها، واجهوها و أعلموا أنكم ستنتهوا إلى نتيجة لم تتوقعوها في يوم من الأيام. سيأتي يوم ستقدر تلك اللحظات و ستصبح ممتن لها طوال عمرك ... أحزنوا ولا تخجلوا من أحزانكم ففي الحزن حياة.
