البني آدم بيكذب في اليوم ما يقرب من 100 كذبة و هو مش قاصد سواء في مجاملة لحد "الفستان لايق عليكي جدًا" –"ربع ساعة و أكون عندك" وهو لسة عالسرير أصلًا .. "زود أو نقص جملة في حوار" , قال نص حقيقة و ساب الباقي .. لحد ما بيمثل إنه بيهز دماغه و هو مش سامعك أصلًا .. بس أسوأ أنواع الكذب على الإطلاق هو "خداع الذات" أو زي ما بيتقال "أنا لا أكذب و لكني أتجمل"
رشا مستواها مش كويس أوي طول السنة دخلت الامتحانات و خرجت بكل فخر بتحكي لأهلها إنها عندها قدرة رهيبة على الغش و إنها هتقفل الامتحانات كلها .. يوم النتيجة لقت نفسها جايبة أقل من صديقاتها 3% .. رشا عملت ثورة رهيبة و قعدت تزعق و انفعلت جدًا "أنا تعبت طوول السنة و حليت كويس في الامتحانات" – "أنا مجهودي ضاع" – "ازاي أجيب أقل منهم" أنا لازم أكشف عن الورق لأني -أستحق- أكتر من كدة .. رشا كشفت .. مطلعلهاش و لا درجة ..
محمود بيعمل دايت و الدكتور كاتبله على نظام غذائي معين عشان وزنه يبقى مضبوط, في يوم كان عازم صاحبه عالغدا وقت الغدا السفرة اتفرشت بما لذ و طاب من الأكل المحمر و اللي مليان دهون و أشكال و أنواع مختلفة من الطيور و اللحوم و اتحط قدام محمود طبق شوربة خضار, صاحب محمود حس بتعاطف شديد ناحيته و بدأ يتكلم يعني و كل كلامه بيشجعه عالدايت .. ربع ساعة بعد ما محمود خلص الشوربة اتحط قدامه جوزين حمام و طبق محشي و مختلف أنواع الرز ..
محمود و مراته متخيلين إن الشوربة اللي أكلها جزء من العلاج .. و بعدها يعمل اللي هو عاوزه زي ما يحب و ياكل أي حاجة, محمود وزنه بيزيد بشكل كبير و بيشتم في الدكتور إنه مبيفهمش حاجة ..
عثمان مبطل سجاير بس بيقعد عالقهوة يشرب شيشة و قال إنه بيلجأ لها كحل صحي بديل لأنه عارف أضرار السجاير .. مع إن أصلا طبيًا عثمان عارف إن حجر الشيشة الواحد بيعادل 25 سيجارة مثلًا .. عثمان يعرف كدة لأنه دكتور صدر ..
في حاجة في الطب معروفة باسم "Somatization Syndrome" أو حاجة اسمها "طيف الأمراض", دي بتتشاف كتير في استقبال الطوارئ حالات كتير جدًا تندرج تحت مسمى "الاستعباط", الحالة سليمة بس هو بيمثل فعلًا أعراض المرض بشكل صريح و هو سليم و معافى و ممكن ييجي الاستقبال أكتر من مرة و كل مرة بتزيد عن الأولانية بشكل هيستيري ..
الضحك أو الكذب عالنفس ممكن يوصل لمرحلة أخطر من امتحان أو دايت أو حجرين شيشة, فمثلًا يوصل لحد إنك تبني حياتك كلها و مستقبلك على كذبة كذبتها على نفسك, و دة بيحصل في شكل قصص الحب اللي بتبدأ بسرعة جدًا أو قصص الحب في الصالون!
الولد بيخطب البنت و يبدأ فترة الخروجات و الفسح و الكلام الحلو و يتخيل كل واحد منهم إن هو دة حب حياته و مش هيقدر يعيش منه غيره و يقفوا سوا يشوفوا منظر الغروب -مع إنك لو دورت هتلاقي محدش فيهم مهتم بالسما أصلًا- لكن هما في الحقيقة مرغمين عالفعل دة فبيعملوا كدة, و فجأة يدخلوا في الجد و يتجوزوا .. الإتنين بانيين حياتهم على كذبة !!
الكذب على النفس ممكن يوصل لدرجة القتل و الجريمة و تبريرها .. زي ما حصل في قصة ريا و سكينة أثناء التحقيق معاهم كانت إجابتهم على خطف و سرقة و قتل الستات جملة مريبة و هي "إن اللي حصل دة كان مقدر و مكتوب و هما ملهمش دخل فيه"
..
خداع الذات أو إننا نضحك على نفسنا ده ممكن يكون زي ما بيتقال في بعض الأوقات "Defense Mechanism"
حسنين و محمدين بينهم مشاكل كبيرة جدًا .. حسنين مرة قال لمحمدين إنت إنسان مش محترم و بذيء و كلام يعصب أي بني آدم .. كان رد محمدين عليه "الصمت", ده بيطلق عليه الفرنسيين اسم "شجاعة السلالم" .. لأنه و هو في الموقف رسم بخياله صورة كاملة من خناقة تانية هو قادر يرد فيها و يضربه و يرد له الألم ألمين و أضعافهم .. كتير من الناس مش بيلاقي رد مناسب في الخناقات فخياله هو اللي بيرد عنه و بيعمل زي قناع لقلة حيلته أو ارتباكه في الرد إن دي شجاعة منه ..
...
تكذب على نفسك أبسط مثال ليها دولاب مليان بناطيل منهم بناطيل ضاقت عليك لأنها بترجع لأيام ما كان جسمك رشيق و بناطيل واسعة شوية عليك و مقاسك المضبوط العادي, هتلبس البنطلون الضيق هتحس نفسك هتتخنق و هتموت من الضيق هتقوم واخد بنطلون مرحرح شوية و هتلبسه هتقف قدام المراية تختار حزام مناسب و تقول لنفسك ياااه أنا خسيت و بقيت رشيق أوي الحمد لله ..
...
بنطلونك البسه على مقاس جسمك .. مش لازم تتدارى في توب أوسع و تضيقه عشان تحلي صورتك و تحقق إنجاز مش موجود أصلًا .. الصورة المرسومة بالكذب مشوهة و أبشع من أبشع صورة ممكن تتخيلها لنفسك ..
>
تقدير النفس شيء كويس و موصى بيه "رحم الله إمرئٍ عرف قدر نفسه" .. يعني لا كذب هيفيدك و لا هينفعك, أنت زي ما أنت لا أحسن واحد في البشرية و لا مسلوب الإرادة عشان ترمي الغلط و الوحش على غيرك .. الصدق بيعمل أقرب صورة راسمها لنفسك حتى لو بعد وقت.
