حلاوة روح (1)

تدوينة بقلم Unknown يوم الأحد, فبراير 28, 2016

من المفارقات اليومية اللطيفة جداً تزامن حوار مع صديق لي عن ماهية الروح و المعنويات مع عثوري علي ايفينت بمحض الصدفة تحت اسم "مهرجان روح".

"حلاوة روح" بقلم نهال ستين على الشلة دوت كوم

كان الجدل قائم هو: هل الروح ..المشاعر..الغيبيات، أو بالأحري كل ما هو غير ملموس، هل هو مجرد وهم نختلقه؟ ماذا يدعونا الي الايمان؟ ليس الايمان من الناحية الدينية بقدر ما هو بالمعني الحرفي للكلمة، أن تصدق بكل قوتك في شيء لا تلمسه بيدك.

علي قدر امتناني لهذا النوع من المجادلات لأنه يجعلني ألاحظ وأتساءل باستمرار، الا أن هذه المرة بذات كانت بمثابة هزة أرضية عنيفة لصرح قائم و مستقر بداخلي، لك أن تتخيل شخص حالم يستند في حياته الي مخزونه من المعنويات ليواجه به كل يوم عالم يرفضه بكل ما فيه من قسوة و ظلم و مادية تدهس في طريقها أي محاولات للحالمين في التشبث ببواقي الجمال و ايجاد مهرب ، ما بين محاولات لل"سف" عليهم أو التحدث بلغة واقعية "شوفي مين عمل ايه حياته" " فوقي كده ربنا يهديكي هينفعك بايه" "معلش أصل دماغها لسعة شوية مش زي بقية البنات راكزة" ، فاذا بي حاليا في مأزق من نوع جديد ، فقد تناول حوارنا أن لا فصل بين الماديات و المعنويات، اذ أن الروح و الاحساس و التفكير ما هو الا مواد كيميائية و نبضات كهربية-التي هي مادة بذاتها ، و بالتالي لا داعي أن نتخيل أمور أبعد من ذلك لان العلم يحكم كل شيء الآن، علي الرغم أن هذا النقاش في ظاهره لا يمثل مشكلة لان حتي مع هذا التفسير لا تزال الروح موجودة و ملموسة الأثر ، الا أن الفكرة في حد ذاتها مخيفة، تحول الاعتراض من هذا المنظور الي صراع داخلي،اسوأ من كل سابقيه، حين أسقط الأمر كله علي نفسي أشعر بأن هذا الركن من الايمان لدي يتزعزع بقوة الآن، و أتخيل نفسي فيما بعد أردد نفس ال"سف" السابق علي مسامع حالمين آخرين لنتحول جميعا الي ماكينات هادرة تدور بالعلم و المنطق و المادة. 

في ذروة هذا الاضطراب اذا بي أجد مهرجان روح،فكرته ببساطة هي مجموعة من الناس تقوم بأنشطة للمشتركين فيه تتعلق بالروح مثل التأمل، يوجا، فرق صوفية، انشاد، ورش رسم وهكذا، المكان خيام منصوبة في منطقة طبيعية منعزلة، المرة الأولي كان في الفيوم وهذه المرة في النوبة، تخيلت نفسي و أنا أجد "مهرب" كهذا، مهرب شكلا و موضوعا، أهرب الي مكان لم تمتد اليه يد المدنية البغيضة بعد لأزاول أنشطة تغذي الروح، تخيلت نفسي كذلك و أنا أعرض الأمر علي أهلي " *بابا أنا طالعة رحلة *فين و مع مين *مع ناس اسمهم روح مسافرة اتأمل و العب يوجا *ما تعقلي بقي " أو أطلب من أحد اصدقائي أن يصحبني "*يعني ايه برنامج الرحلة هنعمل ايه في النوبة؟ *هنستمتع بالمنظر و نتأمل،هو كامب فهنقضي فيه المدة يعني *اه ان شاء الله و ألف ألف مبروك". 

ربما في ظروف أخري كنت سأستجيب لنداء العقل و أغض طرفي عن استغاثة روحي بأن أنضم لهذه الفسحة الروحانية الجميلة، و لكن لحسن حظي حدثت هذه المفارقة السعيدة-الأمر الذي أبهجني في حد ذاته ، صدفة عشوائية لا تفسر بالعلم.. "في أمل"-فما كان مني الا أن ضربت بعرض الحائط العوائق الداخلية و الخارجية و حسمت أمري، و دفعت مبلغ الاشتراك ، لم أكن أعلم حينها أنني سأمر بتجربة غاية في الاختلاف و الثراء و التي لا أظن أن يتسني لي خوضها ثانية ، و للحديث بقية.