هل تعلم يا صديقي العزيز ما هي عقدة أوديب الحقيقية؟
كانت عقدته ضميره. فأوديب لم يكن سوى ترسًا في مجموعة من المصادفات أدت في نهاية الأمر إلى تحقق النبوءة فقَتل أباه و تزوج أمه وهو يجهل حقيقة الأمر. وعندما تكشفت له الحقيقة وأصيب شعبه بلعنة كان هو سببها، لم يستطع أن يتحمل عذاب ضميره، أن يكون سببًا في شقاء الناس، أن يكون قاتل أباه وأن تكون زوجته وأم أولاده هي أمه فاقتلع عينيه ليصبح أعمىً ونفى نفسه بعيدًا عن شعبه.
أن تتحمل مسئولية ما آلت إليه الأمور حتي وإن لم تكن سببًا مباشرًا فيها هو مقياس لضميرك و مدى شعورك بقيمة أفعالك في ذلك العالم. إنه تأثير الفراشة يا سيدي. أنت تشارك في مآسي العالم أو أفراحه دون أن تدري، ربما بذهابك إلي عملك يوميًا وخضوعك للروتين اليومي أنت تغلغل الشعور باليأس بداخلك وتزرع عند أعدائك شعورًا بالثقة والانتصار. ربما هم يحاولون أن يقللوا من أثر الفراشة فخلقوا لنا عوالم افتراضية ترفرف أجنحتنا فيها فلا تُحدث تغييرًا. وهم يوسعون نشاطاتهم يوميًا ويفتحون آفاقًا لفراشات جديدة ليعزلوها عن العالم الواقعي. هل نعيش فيلم ماتركس في الواقع؟ هل أصبحنا معلقين بالشبكة الافتراضية نخلق نزاعات وقصص حب ونخدر أنفسنا حتي نقوى على العيش؟ هل تذكر يا عزيزي حين قطعوا الأنترنت عن مصر في أوج ثورة الخامس العشرين من يناير، لقد حوّلوا بغبائهم أثر الفراشة من العالم الافتراضي إلي العالم الواقعي فأطحنا برئيس البلاد!!!
لكنهم تعلموا من أخطائهم الآن وأنت لم تفهم و المسافة تتسع يومًا بعد يوم بين عالم الفراشات الافتراضي والعالم الواقعي بكل قبحه وقذارته وقسوته. أنت وافقت ضمنيًا أن تتحول إلي كم مهمل في هذا العالم حينما اخترت أن تقتل ضميرك. أن تعيش حياتك بصورة هزلية علي شبكات التواصل الاجتماعي. أن تهرب مما وصلت إليه البلاد وتتهم من يواجه أنه مجنون. عزيزي فلتدع عينك مكانها فإنها تستحق أن ترى نتيجة تخاذلك وخضوعك. هناك من فقدوا أعينهم ينامون كل يوم بضمير مطمئن لأنهم كانوا فراشات تحلق في العالم الحقيقي.

